ترجمة / المدى
يقترب الاتحاد الأوروبي من اتخاذ خطوة جديدة تتمثل في تدريب القوات الأوكرانية داخل الأراضي الأوكرانية نفسها، إلى جانب توسيع أشكال الدعم الأخرى، بما في ذلك مراقبة الحدود، والمساعدة للمحاربين القدامى، وتعزيز الأمن السيبراني لأوكرانيا. كما تدرس بروكسل إمكانية إنشاء مواقع متقدمة داخل أوكرانيا استعداداً لأي وقف محتمل لإطلاق النار مع روسيا في المستقبل، في وقت تستعد فيه الولايات المتحدة لبذل جهود دبلوماسية جديدة للتوصل الى وقف اطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا.
ويستند هذا التوجه الى مراجعات استراتيجية تتعلق بمهمتين تابعتين للاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، الأولى متمثلة ببعثة المشورة التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAM)، التي تركز على تعزيز قطاع الامن المدني. والثانية تتمثل ببعثة المساعدة العسكرية التابعة للاتحاد الأوروبي (EUMAM)، التي قامت حتى الآن بتدريب 80 ألف جندي اوكراني على أراضي الاتحاد.
تأتي هذه الخطط في وقت ما زال فيه الاتحاد الأوروبي يعمل على تحديد الضمانات الأمنية التي يمكن أن يقدمها لكييف في حال توقّف الحرب.
لكن الوثائق تشير في الوقت نفسه إلى أن روسيا “ما زالت متمسكة بهدفها المتمثل في إعادة رسم النظام الأمني الأوروبي”، وأن “تحركها العسكري ونهجها في المفاوضات الدبلوماسية يُظهران أن هدفها النهائي المتمثل في إخضاع أوكرانيا لم يتغير”.
ويُعتبر نشر القوات في أوكرانيا – الذي يُنظر إليه على أنه الضمان الأمني الأقصى – قراراً وطنياً لكل دولة، لكن بعثات التدريب الأوروبية تتيح لبروكسل تقديم دعم واسع النطاق لكييف.
ومع ذلك، فان تعديل تفويض بعثتي المشورة والمساعدة للاتحاد الأوروبي، يتطلب إجماعا بين الدول الأعضاء، وهو ما تدعو إليه المراجعتان الاستراتيجيتان.
وكانت بعثة المساعدة العسكرية (EUMAM) قد أطلقت في أواخر عام 2022 استجابة مباشرة للغزو الروسي الشامل، واعتُبرت منذ ذلك الحين واحدة من قصص النجاح الأوروبية في دعم أوكرانيا.
فقد تم تدريب خمس عشرة لواءً قتالياً كاملاً في 18 دولة عضو في الاتحاد، من خلال 1,750 نوعاً مختلفاً من الدورات التدريبية، بما في ذلك التدريب على طائرات F-16 وميراج – وكل ذلك بميزانية متواضعة نسبياً تبلغ 360 مليون يورو (420 مليون دولار).
غير أن كييف طالبت مراراً بأن يُجرى جزء من التدريب داخل الأراضي الأوكرانية، وتهدف إلى رفع عدد الجنود المتدرّبين من 4,000 إلى 20,000 شهرياً.
وتُشير المراجعة الاستراتيجية للبعثة إلى أن ثلاثة مراكز تدريب أُنشئت بالفعل في غرب أوكرانيا، لكنها غير عاملة بالكامل بسبب نقص البنية التحتية والمدرّبين المؤهلين من الخارج.
وتُلفت الوثيقة إلى عيوب غياب الوجود الميداني الأوروبي في أوكرانيا، مثل العبء اللوجستي وخطر اضطرار الجنود الأوكرانيين للسفر لمسافات طويلة بعيداً عن خطوط القتال.
كما تظهر الوثيقة أن “التدريب على أراضي الاتحاد الأوروبي وفي بيئة سلمية يحدّ من استخدام أنظمة الطائرات المسيّرة وأدوات الحرب الإلكترونية، وهي أدوات تُستخدم بكثافة في هذا الصراع”. وأضافت أن هناك خطر أن تتولى جهات غير أوروبية التدريب إذا ترددت بروكسل في التحرك.
ومع ذلك، تُقر الوثيقة بأن نقل جزء أو كامل نشاط البعثة إلى أوكرانيا يجب أن يتم فقط إذا تحقق وقف إطلاق نار أو هدنة، وأن أي نشر داخل أوكرانيا ينبغي أن يتم بالتنسيق مع مساهمة أمريكية أو ضمانات أمنية أمريكية.
وأكد القادة الأوروبيون دعمهم لكييف خلال الاتصال، وقالوا إنهم سيواصلون العمل على تطوير خطة سلام لأوكرانيا، بالإضافة إلى خيارات لزيادة الضغط على موسكو من خلال العقوبات واستخدام الأصول الروسية المجمدة.
وقال زيلينسكي لاحقاً في قناته على “تلغرام”: “الأهم الآن هو حماية أكبر عدد ممكن من الأرواح، وضمان أمن أوكرانيا، وتعزيزنا جميعاً في أوروبا. هذا بالضبط ما نعمل من أجله.”
لكن محللين ونواب اوكرانيين، قالوا إن غياب التزام بتزويد أوكرانيا بصواريخ “توماهوك”، والإعداد لقمة جديدة بين بوتين وترامب، واللهجة الأكثر ليونة التي أظهرها الرئيس الأميركي تجاه بوتين بعد أسابيع من التهديد بالعقوبات وتسليم الأسلحة، كلها عوامل أثارت القلق في كييف.
وقال فولوديمير دوبوفيك، الأستاذ المشارك للعلاقات الدولية في جامعة أوديسا، إن نبرة ترامب الأكثر ليونة تجاه أوكرانيا مقارنة باجتماعاته السابقة مع زيلينسكي هذا العام تعكس “ديناميكية إيجابية”، لكن آخرين لا يشاركونه هذا التفاؤل.
وقالت سولوميا بوبروفسكا، وهي نائبة أوكرانية وعضو في لجنة الأمن القومي في البرلمان : “أنا مندهشة من أن بعض زملائي لديهم آمال كبيرة في موسم المفاوضات هذا”، في إشارة إلى اجتماع البيت الأبيض والقمة المقررة خلال الأسابيع المقبلة في بودابست.
وأضافت: “إذا استطعنا أن نُبعد تساهل ترامب مع روسيا حتى بمقدار مليمتر واحد ونقربه أكثر نحو أوكرانيا، فسيكون ذلك جيداً.”
عن وكالات وصحف عالمية