التقيتُ بشاب يعمل في مكة، و«أهله» بعيد جدًا، فسألته عن فرص العمل في مدينته، فقال: إنها متوفرة ولكنني أهرب عن محيط العائلة، والأقارب الذي يعيش جحيمًا لا يطاق بسبب «الخلافات»..سكتَ قليلا ثم قال: لا أنوي العودة أبدًا!، فسألته: هل العائلات في محيط عائلتكم «تتخالط» بشكل مبالغ فيه!، قال: نعم!
قلت: هل تريد رأيي؟!، قال: لا!
(2)
قلما تخلو «العائلات» من التباغض، والتحاسد، والتلاسن، والتعارك، والخلافات، حرب على النجاح، وتقليل للإنجاز، وتهميش للتميز، وانتقاص للقدرات، وتعامي عن المكتسبات، نار وقودها النساء، والصبيان، و«ظلم ذوي القربى أشد مضاضة».(3)
«صلة الرحم» واجبة، ولكن «تخالط» الأنوف ردحا من الزمن يخلق جحيما يقطع «الرحم» إلى الأبد، مما يستلزم خطة سلام، ووقف إطلاق النار، ومشروع «حل العائلتين»!
(4)
الوسطية والاعتدال في التواصل منجاة للعائلات التي تعاني من ويلات النزاعات، والقطيعة، بل أن العائلات التي يعيش أفرادها في وئام، وتشجيع، ومحبة، هي العائلات التي تلتقي في المناسبات الكبرى فقط، وليس ثمة قطيعة هنا.
(5)
دراسات متباينة وعميقة تكاد تتفق حول أسباب الأزمات الأسرية ولكنها تتحدث عن أزمات البيت الواحد، ولكن أحدًا لم يشر «للتخالط»، فالعائلات الصغيرة التي تتفرع من العائلة الكبيرة، بحاجة لاستقلالية، وحرية، وستر، وتحصين من التدخلات التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب.
(6)
التدخلات الناتجة عن «التخالط» تؤدي إلى انهيار الأسرة، وحفاظًا على البناء الأسري لمجتمع صحي يجب على أفراد العائلة الإيمان بأن «الفيدرالية الأسرية» هي الحل!
(7)في العائلة الكبرى؛ ثمة مبادئ وقيم وثوابت وآداب وواجبات، لا تفريط فيها، من قيمة صلة الرحم، وحتى أهمية العائلة، مرورًا بقيمة الرجل القوّام، واحترام المرأة، والرحمة بالولد، فكل ما يهدد هذه المبادئ والقيم، يُقمع ولا كرامة.