متابعة / المدى
تسود أجواء من الترقب والتوتر في قطاع غزة بعد عشرة أيام على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، إذ تتزايد مؤشرات هشاشة الهدنة رغم التدخل الأميركي المستمر لضمان استمرارها، وسط تصعيد ميداني وانقسامات داخلية فلسطينية.
وشهدت الساعات الأخيرة قصفاً إسرائيلياً مكثفاً استهدف مواقع جنوب غزة، عقب إعلان تل أبيب مقتل جنديين، في حين نفت حماس مسؤوليتها عن أي هجوم. هذا التصعيد كشف عن هشاشة المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ما زال يواجه اختباراً صعباً رغم تأكيد إسرائيل استمرار العمل به بعد وساطة أميركية مباشرة. وتقود واشنطن جهود الوساطة عبر مبعوثيها ستيف ويتكوف وجارد كوشنر ونائب الرئيس جي دي فانس، في محاولة لتحويل وقف النار إلى ترتيبات أمنية متعددة الجنسيات داخل غزة، تترافق مع حزمة مساعدات اقتصادية واسعة. وأكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن الجيش الإسرائيلي لا يستطيع تنفيذ أي عمليات جديدة دون موافقة إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي أصبحت، بحسب الصحيفة، صاحبة القرار الأعلى في إدارة الصراع. وفي المقابل، تعاني حماس من اضطرابات داخلية مع تصاعد تمردات محلية دفعتها إلى تنفيذ إعدامات واعتقالات واسعة. واتهمت حركة فتح حماس بمواصلة نهجها القمعي منذ سيطرتها على القطاع عام 2007، معتبرة أن ممارساتها «تسهم في تفكيك المجتمع الفلسطيني وضرب نسيجه الوطني». من جانبها، حذرت وزارة الخارجية الأميركية من «تقارير موثوقة» تشير إلى أن حماس تخطط لهجمات ضد مدنيين في غزة، واعتبرت أن أي تصعيد جديد سيشكل انتهاكاً مباشراً لوقف إطلاق النار. وفي ما يتعلق بالمرحلة الثانية من الاتفاق، ترفض إسرائيل الانتقال إليها قبل استعادة جثامين جميع الرهائن وضمان نزع سلاح حماس، بينما سلمت الحركة حتى الآن 13 جثة فقط. وفي حين يضغط التحالف اليميني في تل أبيب لفرض سيطرة كاملة على القطاع، تصر حماس على رفض «التجريد من السلاح» وتعمل على إعادة تنظيم صفوفها الأمنية. وتشير صحيفة «نيويورك تايمز» إلى أن التحدي الحقيقي يكمن في دفع حماس للتخلي عن أسلحتها، معتبرة أن هذه المهمة ستكون أكثر صعوبة من عملية وقف الحرب نفسها. إقليمياً، تواصل تركيا وقطر دعم بقاء حماس ضمن الترتيب السياسي الفلسطيني، بينما تربط دول الخليج أي تمويل بإصلاحات سياسية داخلية. أما إيران فتركز على الحفاظ على نفوذها في العراق وسوريا بعد خسارتها أدواتها في غزة ولبنان، في حين تخشى مصر من فراغ أمني على حدودها وتدعو إلى نشر قوة عربية محدودة جنوب القطاع. وتحذر الأمم المتحدة من انهيار إنساني وشيك مع استمرار القيود على دخول المساعدات الإنسانية. ويرى محللون أن الاتجاهات الحالية تشير إلى تراجع سلطة حماس الفعلية مع تفكك وحداتها العسكرية، ما قد يؤدي إلى صراعات داخلية فلسطينية، فيما يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطاً أميركية وانتقادات داخلية متزايدة. وتتعامل واشنطن مع غزة كـ«ملف اختبار» لقيادتها الجديدة، وسط اتساع الفجوة في المواقف مع تل أبيب التي تركز على «الأمن الكامل»، مقابل الرؤية الأميركية القائمة على «السلام الاقتصادي». ويرجح المراقبون استمرار هدنة هشة تتخللها حوادث محدودة وتصعيد إعلامي، مع احتمال دخول قوة مراقبة عربية رمزية بقيادة مصر والأردن، وتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لتقديم رؤية سياسية موحدة للضفة وغزة.