ترجمة/ المدى
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن تركيزه ينصب على “إعادة بناء غزة” بعد الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين في إطار المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، في وقت ما تزال هناك تحديات رئيسية قائمة، من بينها تساؤلات حول مستقبل الدولة الفلسطينية، وما إذا كانت حماس ستتخلى عن سلاحها، ومن سيتولى إدارة غزة بعد انتهاء الصراع.
وتحدث ترامب للصحفيين على متن طائرة «إير فورس وان» أثناء عودته من شرم الشيخ في مصر يوم الاثنين، حيث اجتمع قادة العالم للاحتفال بالاتفاق حول الحرب في غزة. وعندما سُئل عما إذا كان الاتفاق سيمهد الطريق أمام إقامة دولة فلسطينية، قال ترامب متجنبا الخوض في مواضيع سياسية دبلوماسية: ” نحن نتحدث عن إعادة بناء غزة، انا لا اتحدث عن دولة واحدة او دولتين، نحن نتحدث عن إعادة الاعمار.”
واكد ترامب ان الآراء منقسمة بشأن الحلول الممكنة، موضحا: “الكثيرون يفضلون حل الدولة الواحدة، وبعضهم يفضل حل الدولتين. سنرى ما سيحدث. لم أعلّق على ذلك بعد.”
وأشار إلى ان أي قرار بشأن مستقبل الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني سيتخذ بالتنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين، مبينا اهتمامه الحالي بشأن غزة من حيث الإدارة وخطط التنمية، موضحاً أن أولوية إدارته هي التركيز على إعادة بناء القطاع المدمر بدلاً من الدخول في قضايا الوضع النهائي.
تصريحات ترامب اللاحقة أوضحت أن الولايات المتحدة لم تلتزم بعد بأي نتائج سياسية محددة، وأن أولويتها تظل إنسانية وإعمارية في المقام الأول.
يتناقض موقف الرئيس الأمريكي مع موقف الرئيس السيسي الذي دعا بوضوح خلال القمة إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. أما تركيز ترامب على الإعمار بدلاً من الحلول السياسية فيعكس نهجاً براغماتياً يركّز على النتائج الملموسة الفورية، متجنباً الخوض في القضايا النهائية الشائكة التي أعاقت مبادرات السلام السابقة، وربما يعكس ذلك استراتيجية محسوبة للحفاظ على مرونة تفاوضية في المرحلة المقبلة.
وكان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر من بين القادة العالميين الحاضرين في شرم الشيخ، ووصف اليوم بأنه “يوم تاريخي.”
وقال ستارمر: “ما سيحدث غدًا هو الأهم، ولهذا ناقشت مع القادة طوال اليوم ما الدور الذي يمكننا أن نؤديه. أعتقد أن المملكة المتحدة يمكن أن تلعب دورًا في مراقبة وقف إطلاق النار ونزع سلاح حماس، مستفيدة من تجربتنا في أيرلندا الشمالية. من المهم أن نحافظ على الزخم الان وألا نرتكب أي أخطاء.”
ورغم تفاؤل ترامب، إلا إن قضايا صعبة ما تزال قائمة.
من أبرزها إصرار إسرائيل على نزع سلاح حماس، وهو مطلب ترفضه الحركة رفضًا قاطعًا، مؤكدة أن إسرائيل يجب أن تسحب قواتها أولًا من غزة.
حتى الآن، انسحبت القوات الإسرائيلية من معظم مدينة غزة ومدينة خان يونس ومناطق أخرى، لكنها ما تزال موجودة في أجزاء من رفح وفي المدن الشمالية وعلى طول الحدود مع إسرائيل.
وفي إطار اتفاق الهدنة، أفرجت حماس يوم الاثنين عن آخر 20 رهينة إسرائيلية على قيد الحياة، لكنها أعادت فقط جثامين أربعة من أصل 28 أسيرًا متوفى، مما دفع بعض المجموعات الإسرائيلية للمطالبة بتعليق الاتفاق.
كما يظل مستقبل الحكم في غزة غير محسوم. وبموجب مقترح تدعمه الولايات المتحدة، سيتم إنشاء هيئة دولية تشرف على القطاع، بينما يدير تكنوقراط فلسطينيون الشؤون اليومية. وقد اقترح ترامب أن يتولى رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير عضوية الهيئة الدولية المشرفة على غزة.
ويشمل المخطط أيضًا احتمال دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، رغم معارضة نتنياهو لذلك، شرط أن تُجري السلطة إصلاحات داخلية واسعة أولًا. ويقترح الاتفاق كذلك قوة أمنية عربية دولية في غزة، مدعومة بشرطة فلسطينية، مع انسحاب القوات الإسرائيلية تدريجيًا مع انتشار تلك القوة.
يوجد حاليًا حوالي 200 جندي أمريكي في إسرائيل لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار.
كما يشير الإطار العام للاتفاق إلى إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقبلًا، وهو ما يعارضه نتنياهو بشدة.
من جانبه أكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال قمة شرم الشيخ على استعداد فرنسا الكامل للمشاركة في الجهود الدولية لتعزيز الاستقرار في غزة، وشدد على أن المرحلة المقبلة ستشهد تعاوناً مشتركا يهدف لوضع أسس حل سياسي طويل الأمد، يستند إلى دعم السلطة الفلسطينية ومبدأ حل الدولتين.
ويرى محللون أن ترسيخ إرادة لسلام دائم يتطلب من ترامب أن يواصل الضغط على الرجل الذي سيحتاج إلى دعمه في المراحل التالية من خطته، وهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ووجد الرؤساء الأميركيون بدءا من بيل كلينتون وحتى جو بايدن صعوبة في العمل مع الزعيم الإسرائيلي العنيد، وحتى مسؤولو إدارة ترامب شعروا بالإحباط من بعض الضربات العسكرية الإسرائيلية التي يرون أنها تقوض السياسة الأميركية.
ولا تزال إسرائيل وحماس منقسمتين بشكل حاد حول عدد من جوانب خطة ترامب المكونة من 20 بندا، وبينما تستعد إسرائيل لانتخابات العام المقبل، ربما يتغير نهج نتنياهو في الوقت الذي يحاول فيه الحفاظ على تماسك ائتلافه اليميني. ومن بين نقاط الخلاف المحتملة في خطة ترامب للسلام الاتفاق على نزع سلاح حماس وعدم توليها لأي دور في الإدارة المستقبلية لغزة. وبينما وافقت حماس على خطة ترامب بشكل عام، لم يتطرق ردها الرسمي لهذه البنود تحديدا. وأشار قادة من الحركة إلى أنهم يرون بالفعل دورا لأنفسهم في إدارة غزة بعد الحرب.
وقال دان شابيرو، وهو سفير أميركي سابق لدى إسرائيل، إن رغبة الدول العربية في دفع حماس للوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاق ترامب ربما تصبح محدودة إذا ما شن السياسيون في الحكومة والمعارضة حملة كبيرة ضد إقامة دولة فلسطينية.
عن وكالات عالمية