ترجمة / المدى
استعانت حركة حماس، يوم الجمعة الماضي، بالجرافات للحفر بحثًا عن جثث الرهائن القتلى، في محاولة لدعم هدنة وقف إطلاق النار الهشّة مع إسرائيل، مشيرةً إلى أنها ملتزمة بشروط الصفقة التي تتضمن تسليم الجثث. وأوضحت في بيانٍ لها أن بعض رفات الرهائن مدفونة داخل أنفاق أو مبانٍ دمّرتها إسرائيل لاحقًا، ما استدعى استخدام معدات ثقيلة للحفر بين الأنقاض لاستخراجها. كما اتهمت إسرائيل بالتسبب في التأخير، قائلةً إنها لم تسمح بإدخال جرافات جديدة إلى قطاع غزة. وجاء بيان الحركة بعد تحذير من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قال فيه إنه سيمنح الضوء الأخضر لإسرائيل لاستئناف الحرب إذا لم تلتزم حماس بتنفيذ الجزء المتعلق بإعادة جميع جثامين الرهائن البالغ عددهم 28 رهينة. وحتى الآن، سلّمت حماس خلال الأيام الماضية تسع جثث، إضافةً إلى جثة عاشرة قالت إسرائيل إنها ليست لرهينة.
وقالت حماس إن معظم المعدات الثقيلة في غزة دُمّرت خلال الحرب، ولم يتبقَّ سوى القليل، فيما يحاول الفلسطينيون إزالة كميات ضخمة من الركام المنتشر في أرجاء القطاع.
وشُوهدت يوم الجمعة الماضي جرافتان تعملان في حفر الأرض بينما كانت حماس تبحث عن رفات الرهائن في مدينة حماد، وهي مجمع سكني من الأبراج في مدينة خان يونس.
وقالت حماس إن العثور على بعض الجثث قد يستغرق وقتًا، إذ لا تُعرف مواقع جميع الدفن. ومن المقرَّر أن تتولى قوة دولية خاصة مهمة تحديد أماكن الجثث واستعادتها.
وكانت القوات الإسرائيلية قد لجأت إلى قصف الأبراج على نحو متكرّر خلال الحرب، مما أدى إلى تدمير بعضها بالكامل، كما نفّذ أفراد الجيش مداهمات على مدى أسبوع هناك في آذار من العام الماضي في مواجهات مع مقاتلي حماس.
وفي بيانٍ لاحق، دعت حماس الوسطاء إلى زيادة تدفّق المساعدات إلى غزة، والإسراع في فتح معبر رفح مع مصر، وبدء عملية إعادة الإعمار، لا سيما للمنازل والمستشفيات والمدارس. كما طالبت بالبدء فورًا في تشكيل لجنة من المستقلّين لتتولى إدارة قطاع غزة، وبأن تواصل القوات الإسرائيلية الانسحاب من المناطق المتفق عليها.
وكانت خطة وقف إطلاق النار التي قدّمها ترامب قد نصّت على تسليم جميع الرهائن، الأحياء والأموات، قبل الموعد النهائي الذي انتهى يوم الاثنين الماضي. لكن، ووفقًا للاتفاق، إذا لم يتم ذلك في الوقت المحدد، يتعيّن على حماس تقديم معلومات عن الرهائن المتوفّين ومحاولة تسليمهم في أسرع وقت ممكن.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن إسرائيل “لن تساوم”، وطالب حماس بالوفاء الكامل بالتزاماتها المتعلقة بإعادة جثث الرهائن بموجب اتفاق الهدنة.
وأكدت حماس عبر وسطاء للولايات المتحدة أنها تعمل على إعادة الجثامين، بينما قال مسؤولون أمريكيون إن جهود البحث تعرقلها شدة الدمار، إلى جانب وجود ذخائر غير منفجرة تشكل خطرًا على فرق البحث.
وأضافت الحركة في اتصالاتها مع الوسطاء أن بعض الجثث موجودة في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية. وفي مؤتمر صحفي في أنقرة، أعرب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان عن قلقه من أن إسرائيل قد تستغل “نقص المعدات” لدى حماس كذريعة لاستئناف الأعمال القتالية. واستجابةً لدعوة وجّهتها حماس للمساعدة في تحديد موقع جثث الرهائن الـ19 المدفونين تحت الأنقاض، إلى جانب عددٍ ما زال غير معروف من الفلسطينيين، أرسلت أنقرة خبراء للمساعدة في عملية البحث.
وأكد مسؤول تركي لوكالة الأنباء الفرنسية، الجمعة الماضية، أن عشرات العناصر المتخصصين في الاستجابة للكوارث باتوا في الجانب المصري من الحدود بانتظار الحصول على الضوء الأخضر من الحكومة الإسرائيلية لدخول القطاع الفلسطيني.
وتم تزويد الفريق المكوَّن من 81 عنصرًا والتابع لهيئة إدارة الكوارث التركية (آفاد) بمعدات بحث وإنقاذ متخصصة تشمل أجهزة للكشف عن مؤشرات الحياة وكلابًا مدرّبة.
وكانت حماس قد أفرجت، يوم الاثنين الماضي، عن جميع الرهائن الإسرائيليين العشرين الأحياء، في مقابل إفراج إسرائيل عن نحو 2000 أسير ومعتقل فلسطيني.
كما أعادت إسرائيل إلى غزة جثامين 90 فلسطينيًا لدفنهم، ومن المتوقع أن تسلّم المزيد من الجثامين، رغم أن المسؤولين لم يوضحوا عدد الجثث التي تحتفظ بها إسرائيل أو التي تعتزم إعادتها.
من جهته، أعلن الدفاع المدني في غزة، الجمعة الماضية، انتشال جثامين 280 فلسطينيًا من تحت الأنقاض منذ سريان وقف إطلاق النار. وتقدّر السلطات المحلية أن حوالي 10 آلاف جثة مدفونة تحت الأنقاض في غزة.
كما حذّر رئيس بعثة مكتب الأمم المتحدة المتعلّقة بالألغام، لوك إيرفينغ، من أن مخاطر الذخائر غير المنفلقة في قطاع غزة تزداد بعد وقف إطلاق النار، كما اعتبرت منظمة دولية أن تلك الذخائر تشكّل خطرًا بالغًا في غزة.
وقال المسؤول الأممي إن “إزالة الذخائر من قطاع غزة ستستغرق وقتًا طويلًا، ولكنها عمل ضروري لإعادة الحياة تدريجيًا إلى طبيعتها في القطاع الخارج لتوّه من حرب مدمّرة استمرت عامين”. من جانبٍ آخر، اتهمت حماس، الجمعة، إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الخاص بغزة، بعد مقتل 11 فلسطينيًا بقذيفة دبابة إسرائيلية. وقالت حماس في بيانٍ إن “دبابة إسرائيلية أطلقت قذيفة بشكل مباشر على مركبة كانت تقلّ أفراد عائلة أثناء محاولتهم تفقد منزلهم في حي الزيتون بمدينة غزة”.
واختتم البيان بالقول: “ندعو المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية والإنسانية إلى تحمّل مسؤولياتهم، والضغط لوقف جرائم الحرب والإبادة الجماعية ضد شعبنا، ومحاسبة قادة الاحتلال المجرمين على جرائمهم بحق الإنسانية”.
وفي ما يتعلق بالإغاثة الإنسانية لأهالي غزة، أعلن برنامج الأغذية العالمي، الجمعة، أنه تمكن من نقل نحو 3000 طن من المواد الغذائية إلى غزة منذ دخول وقف إطلاق النار حيّز التطبيق، لكنه حذّر من أن الحد من المجاعة في القطاع سيتطلب وقتًا، مشيرًا إلى أنه يتعيّن فتح كل المعابر “لإغراق غزة بالغذاء”.
وتنص خطة ترامب بشأن غزة، المكوّنة من عشرين نقطة، على استئناف إيصال المساعدات فيما تنتظر المنظمات الدولية إعادة فتح معبر رفح في جنوب القطاع.
وتشمل المراحل التالية نزع سلاح حماس ومنح العفو لقادتها الذين يسلمون أسلحتهم، ومواصلة الانسحاب الإسرائيلي، وإرساء حكم لغزة بعد الحرب، وهي أمور ما زالت قيد البحث.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، ارتكبت إسرائيل جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة شملت القتل والتجويع والتدمير والتهجير والاعتقال، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها.
عن وكالات عالمية