ترجمة: عدنان علي
أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في بنغلاديش مؤخرًا مذكرات توقيف ضد 30 شخصًا، من بينهم رئيسة الوزراء السابقة «شيخة حسينة» و24 ضابطًا في الجيش، 14 منهم لا يزالون في الخدمة الفعلية. ولم يحدث في تاريخ بنغلاديش أن سعت محكمة مدنية لإلقاء القبض على هذا العدد الكبير من الضباط العسكريين العاملين. وفقًا لتقرير، يسعى «محمد يونس»، المستشار الرئيسي للحكومة الانتقالية في بنغلاديش، عبر تقويض معنويات الجيش، وإذلال ضباطه، وإقحامهم في محاكمات سياسية مُفبركة، إلى إكمال السيطرة على الدولة من خلال الإرهاب المقنع بالقانون.
وكان القاضي «محمد غلام مرتوزا»، قد اصدر الأمر من المحكمة في 6 أكتوبر/ تشرين الأول حيث وجه السلطات إلى تقديم جميع المتهمين أمام المحكمة بحلول 22 أكتوبر، وفقًا لمقال رأي في صحيفة، نورث ايست نيوز، وتشمل قائمة المتهمين رؤساء سابقين لمديرية المخابرات العسكرية، ووحدة التدخل السريع، مستهدفين بشكل أساسي الوكالات التي تحمي البنية الأمنية للدولة.
كتب «أمينول حق» في مقال رأي: “لم يحدث من قبل في تاريخ بنغلاديش أن سعت محكمة مدنية لإلقاء القبض على هذا العدد الكبير من الضباط العسكريين العاملين. التوتر الناتج داخل القوات المسلحة ملموس وغير مسبوق. ما نشهده ليس سعيًا لتحقيق العدالة، بل هجومًا مدروسًا على المؤسسة هي نفسها التي كانت تضمن استقرار الدولة».
منذ استيلائه على السلطة في بنغلاديش، حاول يونس وفريقه غير المنتخب استخدام القضاء والمحكمة الجنائية الدولية كأداة صادمة لتدمير حزب الرابطة الوطنية وإلغاء إرث «شيخة حسينة». ويظهر التعديل الأخير في 6 أكتوبر الدافع السياسي للمحكمة، إذ ينص على أنه يجب تعليق أي شخص متهم بموجب قانون المحكمة عن أي منصب دستوري أو عام ومنعه من الترشح للانتخابات، من خلال تحويل الآلية القانونية ضد حماة الدولة أنفسهم، فتحت الحكومة صندوق باندورا يمكن أن يشهد عدداً من القضايا السياسية المصممة لتحطيم معنويات الجيش وتحجيمه كقوة مستقلة.
ويضيف المقال: “تحمل هذا الخيانة سخرية مرة، فقد صعدت إدارة يونس إلى السلطة على أكتاف الجيش، الذي انتشر على مستوى البلاد بذريعة «استعادة النظام» لكن بعد أربعة عشر شهرًا من التعاون – سواء برغبة أم رغماً عنه – وجد الجيش نفسه الضحية الأخيرة للآلة التي ساعد على تمكينها. لماذا هذا العداء المفاجئ؟ لأن مهندسي النظام لم يعودوا بحاجة لحماية الجيش. بعد أن قاموا بتفكيك المؤسسات الدستورية – من لجنة الانتخابات إلى المحكمة العليا -يتحركون الآن لترويض الجيش. لقد أضفى تعاون الجيش شرعية على حكومة قمعت الحقوق المدنية، ومكَّنت العنف الجماعي، وعزَّزت العناصر الراديكالية، لقد تآكلت ثقة الجمهور بالقوات المسلحة. والآن، بعد أن تشوهت صورتهم، يقوم الدكتور يونس وداعميه العميقون بشد القيود. يمكن للجيش أن يظل أداة في أيديهم أو يُساق عبر المحاكم ككبش فداء.
وأشار التقرير إلى أن طلب قائد الجيش البنغلاديشي لحماية ضباطه قوبل بالرفض من قبل رئيس المحكمة العليا. كتب «أمينول حق»: «اليوم، الكائن الذي ربّوه قد انقلب عليهم. هذه هي لحظة فرانكشتاين في بنغلاديش. عبر تقويض معنويات الجيش، وإذلال ضباطه، وإقحامهم في محاكمات سياسية مفبركة، يسعى الدكتور يونس لإكمال السيطرة على الدولة ليس بالدبابات، بل بالإرهاب المقنع بالقانون. وما يزيد من دلالة الأمر هو صورة قائد الجيش نفسه وهو يطلب حماية ضباطه من رئيس المحكمة العليا ليُرفض».
ويخلص المقال: “هذا المشهد وحده يكشف مدى سقوط الأقوياء، فالجندي مدرَّب على الموت بأمر قائده. ويعتقد أن رؤسائه سيدافعون عنه بالمقابل، ماذا يحدث عندما تنهار هذه الثقة؟ عندما يرى الجنود قائدهم عاجزًا ومتحوّلاً إلى بيدق في لعبة سخرية من النظام، تبدأ المؤسسة نفسها بالموت من الداخل، وربما هذا بالضبط ما يقصده الدكتور يونس، فمذكرات التوقيف ليست النهاية، بل هي الطلقة الأولى في حرب تهدف إلى كسر روح الجيش.